الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***
531- قال أحمد: ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا أيُّوب عن أبي قِلابة عن مالك بن الحُويرث قال: أتينا رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأقمنا عنده عشرين ليلةً، وكان رحيماً رقيقًا، فظنَّ أَنَّا قد اشتقنا إلى أهلنا، فقال: "ارجعوا إلى أهليكم، وليوذِّن لكم أحدكم، ثمَّ ليؤمَّكم أكبركم". أخرجاه في " الصَّحيحين".
وقال مالكٌ والشَّافعيُّ: يستحبُّ. 532- قال أحمد: ثنا يعقوب ثنا أبي ثنا ابن إسحاق قال: وذكر محمد ابن مسلمٍ الزُّهريُّ عن سعيد بن المسيّب عن عبد الله بن زيدِ بن عبد ربِّه قال: لمَّا أجمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يضرب بالنَّاقوس لجمع النَّاس [للصَّلاة]- وهو كارهٌ لموافقة النصارى-، طاف بي من الليل طائف وأنا نائم: رجل عليه ثوبان أخضران، وفي يده ناقوس يحمله، فقلت له: با [] عبد الله، ألا تبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قلت: ندعو به إلى الصَّلاة. قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ فقلت: بلى. قال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلاَّ الله، أشهد أن لا إله إلاَّ الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصَّلاة، حي على الصَّلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاَّ الله. قال: ثم استأخر غير بعيد، ثم قال: تقول إذا أقمت الصَّلاة: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلاَّ الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصَّلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصَّلاة، قد قامت الصَّلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاَّ الله. قال: فلما أصبحت أتيت رسول الله، فأخبرته بما رأيت، فقال: "إن هذه لرؤيا حق- إن شاء الله-". ثم أمر بالتأذين، فكان بلال يؤذن بذلك، ويدعو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الصَّلاة، فدعاه ذات غداةٍ إلى الفجر، فقيل له: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نائم. فصرخ بلال بأعلى صوته: الصَّلاة خير من النوم. قال سعيد بن المسيب: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين لصلاة الفجر. وهذا الحديث أصل التأذين، وليس فيه ترجيع، فدل على أنه المستحب، وعليه عمل أهل المدينة، والأخذ بالمتأخر من حال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ز: وقد روى هذا الحديث: أبو يعلى الموصلي، ثنا عمرو الناقد ثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن إسحاق ثنا محمد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه عن أبيه فذكره. ورواه الإمام أحمد أيضًا من رواية ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم. ورواه أبو داود عن محمد بن منصور الطُّوسيِّ عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم. ورواه التِّرمذيُّ عن سعيد بن يحيى الأُمويِّ عن أبيه عن ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم ببعضه، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ورواه ابن ماجه عن محمد بن عُبيد بن ميمون المدنيِّ عن محمد بن سلمة عن ابن إسحاق. ورواه ابن خزيمة في " صحيحه " بطرقٍ، منها: عن محمد بن يحيى عن يعقوب بن إبراهيم بن سعدٍ عن أبيه عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم. وقال: سمعت محمد بن يحيى يقول: ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان خبرٌ أصحُّ من هذا، لأنَّ محمد بن عبد الله بن زيدٍ سمعه من أبيه، وعبد الرَّحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيدٍ. قال ابن خزيمة: وخبر محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن محمد ابن عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه عن أبيه ثابتٌ صحيح من جهة النَّقل، لأنَّ محمد ابن عبد الله بن زيدٍ قد سمعه من أبيه، ومحمد بن إسحاق قد سمعه من محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيميِّ، وليس هو ممَّا دلَّسه محمد بن إسحاق. ورواه أبو حاتم البستيُّ عن أبي يعلى الموصليِّ. وفي كتاب " العلل " لأبي عيسى التِّرمذيِّ قال: سألتُ محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث- يعني حديث محمد بن إبراهيم التَّيميِّ- فقال: هو عندي صحيحٌ. وقال التِّرمذيُّ أيضًا عن البخاريِّ: لا يعرف لعبد الله بن زيدٍ إلا حديث الأذان O. 533- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا عبد الكريم بن الهيثم ثنا سعيد بن المغيرة ثنا عيسى بن يونس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: كان الأذان على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّتين مرَّتين، والإقامة مرَّة مرَّة. وهذا دليلٌ على أنَّه لم يكن فيه ترجيعٌ. ز: هذا إسناد صحيح، وسعيد بن المغيرة الصياد: وثقه أبو حاتم وغيره. وقد رواه الإمام أحمد من غير طريق عبيد الله عن نافع، فقال: 534- ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال: سمعت أبا جعفر- يعني: المؤذن- يحدث عن مسلم أبي المثنى عن ابن عمر قال: إنما كان الأذان على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتين- وقال حجاج: يعني مرَّتين مرَّتين-، والإقامة مرة غير أنه يقول: قد قامت الصَّلاة، قد قامت الصَّلاة. وكنا إذا سمعنا الإقامة توضأنا، ثم خرجنا إلى الصَّلاة. قال أحمد: وثنا حجاج ثنا شعبة قال: سمعت أبا جعفر- مؤذن مسجد العُريان، في مسجد بني هلال- عن مسلم أبي المثنى- مؤذن مسجد الجامع-. فذكر هذا الحديث. قال شعبة: لا أحفظ عنه غير هذا. وقد رواه أبو داود والنَّسائيُّ وابن خزيمة في " صحيحه " وأبو حاتم بن حبان البستيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ بطرقٍ عن شعبة O. احتجُّوا: 535- بما روى أحمد: ثنا رَوْح ثنا ابن جريج قال: أخبرني عبد العزيز ابن عبد الملك بن أبي مَحْذُورة أنَّ عبد الله بن محيريز أخبره- وكان يتيماً في حجر أبي مَحْذُورة- قال: قلت لأبي مَحْذُورة: أخبرني عن تأذينك. قال: نعم، خرجت في نفرٍ فكنت في بعض طريق حنين، مَقْفل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلقينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض الطََّريق، فأذَّن مؤذِّن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسمعنا صوت المؤذِّن، فصرخنا نحكيه ونستهزئ به، فسمع النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّوت، فأرسل إلينا، إلى أن وقفنا بين يديه، فقال: "أيُّكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟ " فأشار القوم كلُّهم إليَّ- وصدقوا-، فأرسلهم كلَّهم وحبسني، فقال: "قم فأذِّن بالصَّلاة". فقمت ولا شيء أكره إليَّ من النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما يأمرني به، فقمت بين يدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فألقى عليَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التأذين هو بنفسه: "الله أكبر، الله أكبر- كذا قال روح مرَّتين-، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمَّدًا رسول الله، أشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله". ثمَّ قال لي: "ارجع فامدد من صوتك". ثمَّ قال لي: "قل: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله، أشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله". ثمَّ دعاني حين قضيت التَّأذين، فأعطاني صرَّةً فيها شيءٌ من فضة، ثمَّ وضع يده على ناصية أبي مَحْذُورة، ثُمَّ أمرَّها على وجهه، ثُمَّ بين ثدييه، ثُمَّ على كبده، وقال: "بارك الله فيك وبارك عليك". فقلت: يا رسول الله، مُرني بالتَّأذين بمكَّة. قال: "قد أمرتك به". وذهب كلُّ شيءٍٍ كان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كراهية، وعاد ذلك كله محبةً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 536- قال أحمد: ثنا عفَّان ثنا همَّام ثنا عامر الأحول قال: حدَّثني مكحول أنَّ عبد الله بن محيريز حدَّثه أنَّ أبا مَحذُورة حدَّثه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَّمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة، الأذان: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله؛ والإقامة- مثنى مثنى-: الله أكبر، الله أكبر []، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، قد قامت الصَّلاة، قد قامت الصَّلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ، وأبو محذورة، اسمه: سَمُرة بن مِعْيَر. وقد روى الدَّارَقُطْنِيُّ من حديث سعد القَرَظ أنَّه وصف أذان بلال، وفيه التَّرجيع. والجواب من وجهين: أحدهما: أنَّه لمَّا لقَّن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا مَحْذُورة وكان كافرًا أعاد عليه الشَّهادة وكرَّرها لتثبت عنده ويحفظها، ويكرِّرها على أصحابه المشركين، فإنَّهم كانوا ينفرون منها، خلاف نفورهم من غيرها، فلمَّا كرَّرها عليه ظنَّها من الأذان، فعدَّ الأذان تسع عشرة كلمة، وإذا كان كذلك لم يكن تكرارها سنَّة. والثَّاني: أنَّ أذان أبي مَحْذُورة عليه أهل مكَّة، وما ذهبنا إليه عليه أهل المدينة، والعمل على المتأخِّر من الأمور. وأما ما ادعي على بلال: فمحالٌ، لأنَّه لا يختلف في أنَّ بلالاً كان لا يرجِّع، وإنَّما الحديث الذي ذكره الدَّارَقُطْنِيُّ من رواية عبد الله بن محمد بن عمَّار ابن سعد القَرَظ، قال يحيى بن معين: ليس بشيءٍ. ز: روى مسلمٌ في " صحيحه " حديث أبي محذورة مختصرًا: 537- من رواية عامر الأحول عن مكحول عن ابن مُحَيْريز عن أبي مَحْذُورَة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَّمه الأذان: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أَن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمدًا رسول الله، [أشهد أن محمدًا رسول الله]، ثُمَّ يعودُ فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله- مرَّتين-، أشهد أن محمدًا رسول الله- مرتين-، حيَّ على الصَّلاة- مرَّتين-، حيَّ على الفلاح- مرَّتين-، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. وقد روى الإمام أحمد وأبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجه وابن خزيمة وأبو يعلى الموصلي وأبو القاسم الطبراني حديث أبي محذورة بطرقٍ، وفي بعضها زيادة على بعض O.
وقال مالك: مرَّتان. حديث عبد الله بن زيدٍ- المتقدِّم-، وأنَّ بلالاً دام على ذلك بحضرة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. احتجُّوا: بما ذكرنا في المسألة قبلها من رواية رَوْح عن ابن جُريج أنَّ التَّكبير مرَّتان، وكذلك روى محمد بن بكر عن ابن جريج أيضاً. 538- وقال أحمد: ثنا سريج بن النُّعمان عن الحارث بن عبيد عن محمد ابن عبد الملك ابن أبي مَحْذُورة عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَّمه الأذان فذكر التَّكبير فيه مرَّتين فقط. 539- قالوا: وروى أبو داود من حديث معاذ بن جبل أنَّ عبد الله بن زيدٍ جاء إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستقبل القبلة، وقال: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقِّنها بلالاً". والجواب: أنَّ رواةَ حديثنا أكثر وأشهر وأحفظ، وقد روينا في حديث عبد الله بن زيدٍ أنَّ التَّكبير أربع، وأنَّ بلالاً كان يفعل ذلك. وروينا في حديث أبي مَحْذُورة وسعد القَرَظ كذلك، وإذا اختلفت الرِّواية عن أبي مَحْذُورة وكانت رواتنا أكثر وأحفظ، وقد أتوا بالزِّيادة، كانوا أولى، لأنَّ الآتي بالزِّيادة قد حفظ ما لم يحفظ النَّاقص. ز: حديث الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك: رواه أبو داود عن مُسَدَّد عنه، وذكر فيه التَّكبير أربعًا، والله أعلم O.
وقال أبو حنيفة: التَّثنية. 540- قال البخاريُّ: ثنا سليمان بن حربٍ ثنا حمَّاد بن زيدٍ عن سِماك ابن عطيَّة عن أيُّوب عن أبي قِلابة عن أنس قال: أُمر بلالٌ أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة. وأخرجه مسلمٌ. 541- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا عليُّ بن عبد الله بن مبشر ثنا أحمد بن سنان ثنا عبد الرَّحمن عن شعبة عن أبي جعفر قال: سمعت أبا المثنَّى يحدِّث عن ابن عمر قال: كان الأذان على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّتين مرَّتين، والإقامة واحدة، غير أنَّ المؤذِّن كان إذا قال: قد قامت الصَّلاة قال: قد قامت الصَّلاة- مرَّتين-. ز: قد تقدَّم ذكر من روى هذا الحديث في مسألة التَّرجيع O. 542- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا أبو بكر الشَّافعيُّ ثنا محمد بن غالبٍ ثنا عبد الله بن عبد الوهَّاب ثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي مَحْذُورة قال: حدَّثني عبد الملك أنَّه سمع أباه أبا مَحْذُورة يحدِّث: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة. احتجُّوا: 543- بما روى التِّرمذيُّ: ثنا أبو سعيد الأشَجُّ ثنا عُقبة بن خالد عن ابن أبي ليلى عن عمرو بن مُرَّة عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيدٍ قال: كان أذان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شفعًا شفعًا، في الأذان والإقامة. 544- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا ابن صاعدٍ ثنا الحسن بن يونس الزَّيَّات ثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر بن عيَّاش عن الأعمش عن عمرو بن مُرَّة عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبلٍ قال: قام عبد الله بن زيدٍ فقال: يا رسول الله، رأيتُ في النَّوم كأن رجلاً نزل من السَّماء- فأذَّن مثنى مثنى- ثم جلس، ثم قام فقال: مثنى مثنى. فقال: "علِّمها بلالاً". فقال عمر: قد رأيت مثل الذي رأى، ولكنَّه سبقني. 545- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا محمد بن مخلد ثنا إبراهيم بن محمد ثنا إبراهيم بن دينار ثنا زياد بن عبد الله البَكَّائِيُّ ثنا إدريس الأَوْديُّ عن عون بن أبي جُحَيفة عن أبيه أنَّ بلالاً أذَّن لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنى صوتين صوتين، وأقام مثل ذلك. 546- قالوا: وقد روى الدَّارَقُطْنِيُّ: أنَّ الأسود بن يزيد وسُويد بن غَفَلَة قالا: كان بلال يثنِّي الإقامة. 547- وقال مجاهد: كان الأذان والإقامة مثنى مثنى، فلمَّا قام بنو أميَّة أفردوا الإقامة. 548- وقال النَّخعيُّ: أوَّل من نقص الإقامة معاوية. والجواب: أمَّا الحديث الأوَّل: فقال التِّرمذيُّ: لم يسمع ابن أبي ليلى من ابن زيد. وأمَّا الحديث الثَّاني: فقال ابن خزيمة: لم يسمع ابن أبي ليلى من معاذ. وأمَّا الثَّالث: فيرويه زياد عن إدريس الأَوْدِيِّ، ووَهِمَ عليه فيه، وقال يحيى: زياد ليس بشيءٍ. وقال ابن المدينيِّ: لا أروي عنه. فإن قيل: قد وثَّقه أحمد- في رواية--، وقال أبو زرعة: صدوق. قلنا: الجرح مقدّمٌ. وأمَّا الأسود وسُويد فلم يدركا بلالاً. وما ذكروا عن مجاهد: لا يعرف. وما ذكروه عن النَّخعيِّ: فالمحفوظ (نَقَضَ الإقامة) بالضَّاد المعجمة، ونقضُه لها: أنَّها كانت فرادى فجعلها مثنى. قال أبو عبد الله الحاكم: والدَّليل على أنَّ المنقول كذا، أنَّا روينا عن النَّخعيِّ ما يوافق مذهبنا، فلو كان عنده سنَّةٌ صحيحةٌ لم يخالفها. وأحاديثنا أصحُّ، والجمهور معنا، قال بكير بن عبد الله بن الأشج: أدركت أهل المدينة في الأذان مثنى مثنى، وفي الإقامة مرَّة. وبكير: من كبار التَّابعين، وهو يخبر بهذا عن الصَّحابة والتَّابعين في دار الهجرة. ثمَّ إنَّ مذهبنا مرويٌّ عن الخلفاء الأربعة- كان يقام لهم مرَّة-، وعن ابن عمر وابن عباس وأنس، وفقهاء المدينة السَّبعة- سعيد بن المسيَّب وأبي بكر بن عبد الرَّحمن والقاسم بن محمد وسليمان بن يسار وخارجة بن زيدٍ وعبيد الله بن عبد الله وعروة-، وهو مذهب الحسن وسالم وعمر بن عبد العزيز والزُّهريِّ والقُرَظيِّ والأوزاعيِّ والليث ومالك والشَّافعيِّ وابن راهويه في خلقٍ كثير. وما ذهب الخصم إليه لم ينقل إلا عن الثَّوريِّ وابن المبارك، وفي الحديث: "عليكم بالسَّواد الأعظم". وهو معنا بحمد الله. ز: حديث عون بن أبي جحيفة عن أبيه: حديثٌ منكرٌ. وزياد بن عبد الله البَكَّائِيُّ: روى له البخاريُّ مقرونًا بغيره، واحتجَّ به مسلمٌ، وصدَّقه جماعة وتكلَّم فيه آخرون. وحديث: "عليكم بالسَّواد الأعظم ": ليس بصحيحٍ. وفي بعض كلام المؤلِّف في هذه المسألة نظرٌ، كقوله: (إنَّ بكيرًا من كبار التَّابعين)، وقوله: (إن الأسود بن يزيد وسُويد بن غَفَلَة لم يدركا بلالاً)، والله أعلم O.
وقال مالك: مرَّة. لنا: ما تقدَّم من الأخبار، وفيها كلُّها كمذهبنا. احتجُّوا: 549- بما روى الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أبو بكر الشَّافعيُّ ثنا بشر بن موسى ثنا الحُميديُّ ثنا عبد الرَّحمن بن سعد بن عمَّار بن سعد بن عائذ القَرَظَ قال: حدَّثني عمَّار وعمر ابنا حفص بن سعد القَرَظَ عن عمر بن سعد عن أبيه سعد أنَّه سمعه يقول: هذا الأذان أذان بلال. - فذكره، ثمَّ قال:- والإقامة واحدة، تقول: "قد قامت الصَّلاة " مرَّة واحدةً. والجواب: إن أحاديثنا أكثر ورواتنا أحفظ، وقد دام على مذهبنا أهل المدينة. ز: 550- وقد احتج مالكٌ بحديث أنس: أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة. رواه البخاريُّ ومسلمٌ، لكن زاد البخاريُّ: إلا الإقامة O.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز. 551- قال أحمد: ثنا سفيان عن الزُّهريِّ عن سالم عن أبيه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: "إنَّ بلالاً يؤذِّن بليلٍ، فكلُوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أمِّ مَكْتُوم". أخرجاه في " الصَّحيحين". 552- أنا يحيى بن ثابت بن بندار أنا أبي أنا أبو بكر البَرْقَانيُّ أنا أحمد بن إبراهيم الإسماعيليُّ أنا الفريابيُّ ثنا إسحاق بن موسى ثنا عَبْدة بن سليمان ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر؛ وعن القاسم عن عائشة قالا: كان للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مؤذِّنان: بلال وابن أمِّ مكتوم، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن بلالاً يؤذِّن بليلٍ، فكُلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أمِّ مكتوم". أخرجاه في " الصَّحيحين". 553- وقال أحمد: ثنا وكيع ثنا أبو هلال عن سوادة بن حنظلة عن سَمُرة بن جُنْدب قال: قال رسول الله: "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال، ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق". انفرد بإخراجه مسلمٌ. 554- وقال أبو داود: ثنا عبد الله بن مَسْلمة ثنا عبد الله بن عمر بن غانم عن عبد الرَّحمن بن زياد عن زياد بن نُعَيم أنَّه سمع زياد بن الحارث الصُّدائِيَّ قال: لمَّا كان أوَّل أذان الصُّبح، أمرني النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأذَّنت، فجعلتُ أقول: أقيم يا رسول الله؟ فجعل ينظر إلى ناحية المشرق إلى الفجر، فيقول: "لا". حتى إذا طلع الفجر نزل فتبرَّز، ثُمَّ انصرف فتوضَّأَ، فأراد بلال أن يقيم، فقال له: "إنَّ أخا صُداءٍ أذَّن، ومن أذَّن فهو يقيم". فأقمتُ. قالوا: عبد الرَّحمن بن زياد هو: الإفريقيُّ، وهو ضعيفٌ. قلنا: قد قوَّى أمره البخاريُّ، وقال: هو مقارب الحديث. ز: وروى حديث زياد أيضًا: الإمام أحمد وابن ماجه والتِّرمذيُّ، قال: وفي الباب عن ابن عمر، وحديث زياد إنَّما نعرفه من حديث الإفريقيِّ، وهو عبد الرَّحمن بن زياد بن أنعم، وهو ضعيفٌ عند أهل الحديث، ضعَّفه يحيى بن سعيد القطَّان وغيره، ورأيتُ محمد بن إسماعيل يقوِّي أمره ويقول: هو مقارب الحديث. وقال أحمد: ليس بشيءٍ، نحن لا نروي عنه شيئًا. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ليس بالقويِّ. وقال ابن حِبَّان: يروي الموضوعات عن الثِّقات O. فإن قيل: كان بلال مريض العين لا يحقِّق الفجر، واستدلوا: 555- بما روى أحمد: ثنا عفَّان ثنا همَّام قال: حدَّثني سوادة قال: سمعت سَمُرَة بن جُنْدب يقول: إنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يغرَّنكم نداء بلال، فإنَّ في بصره سوءًا". ز: رواه أبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ. وسوادة هو: ابن حنظلة القُشَيرْيُّ البصريُّ، إمام مسجد بني قُشَيرْ، قال أبو حاتم: شيخٌ. وذكره ابن حِبان في كتاب " الثِّقات "، ولم يرووا له غير هذا الحديث O. 556- وقال عبد بن حميد: ثنا محمد بن الفضل ثنا حمَّاد بن سلمة عن أيُّوب عن نافع عن ابن عمر: أنَّ بلالاً أذَّن قبل طلوع الفجر، فأمره النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرجع فينادي: ألا إنَّ العبد نام- ثلاث مرَّات-، فرجع فنادى: ألا إنَّ العبد نام. ز: رواه أبو داود، وقال: رواه الدَّراوَرْدِيُّ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: كان لعمر مؤذِّنٌ- يقال له: مسعود. وذكر نحوه. وقال: هذا أصحُّ من ذلك. وذكر التِّرمذيُّ لفظ الحديث، وقال: هذا حديثٌ غير محفوظٍ، والصَّحيح عن ابن عمر أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنَّ بلالاً يؤذِّن بليلٍ، فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أمِّ مكتوم". وذكر عن عليِّ بن المدينيِّ أنَّه قال: هو غير محفوظ. وقد حكى المؤلِّف كلام التِّرمذيِّ في هذا الحديث، وسيأتي. وقال الحاكم: أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال: سمعت أبا بكر المطرِّز يقول: سمعت محمد بن يحيى يقول: حديث حمَّاد بن سلمة عن أيُّوب عن نافع عن ابن عمر أنَّ بلالاً أذَّن قبل طلوع الفجر شاذٌ، غير واقعٍ على القلب، وهو خلاف ما رواه النَّاس عن ابن عمر. وقال أحمد بن حنبل: ثنا شعيب بن حرب قال: قلت لمالك بن أنس: أليس قد أمر النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلالاً أن يعيد الأذان؟ فقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ بلالاً يؤذن بليلٍ، فكلوا واشربوا. قلت: أليس قد أمره أن يعيد الأذان؟ قال: لا، لم يزل الأذان عندنا بليلٍ. وقال ابن بكير: قال مالك: لم يزل الصُّبح ينادى بها قبل الفجر، فأمَّا غيرها من الصَّلوات فإنَّا لم نر ينادى لها إلا بعد أن يحلَّ وقتها O. 557- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا محمد بن نوحٍ الجند يسابوري ثنا معمر بن سهلِ ثنا عامر بن مدرك ثنا عبد العزيز بن أبي روَّاد عن نافع عن ابن عمر أنَّ بلالاً أذَّن قبل الفجر، فغضب النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمره أن ينادي: إنَّ العبد نام. فوجد بلالٌ وجداً شديداً. 558- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا العباس بن عبد السَّميع الهاشميُّ ثنا محمد بن سعد العَوْفِيُّ ثنا أبي ثنا أبو يوسف القاضي عن سعيد بن أبي عَرُوبة عن قتادة عن أنس أنَّ بلالاً أذَّن قبل الفجر، فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصعد فينادي: إنَّ العبد نام. ففعل وقال: ليت بلالاً لم تلده أمُّه *** وابتل من نضح دمٍ جبينُه 559- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا يحيى بن محمد بن صاعدٍ أنا أحمد بن عثمان بن حكيم ثنا محمد بن القاسم الأسديُّ ثنا الرَّبيع بن صَبيح عن الحسن عن أنس بن مالك قال: أذَّن بلالٌ، فأمره النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعيد، فرقي وهو يقول: ليت بلالاً ثكلته أمُّه. وابتل من نضح دمٍ جبينُه يردِّدها حتى صعد، ثمَّ قال: إنَّ العبد نام- مرَّتين-. ثمَّ أذَّن حين أضاء الفجر. وقد روي هذا عن الحسن وحميد بن هلال وغيرهما من التَّابعين، يذكرون ذلك عن بلال. ويؤكِّد هذا: 560- ما روى أبو داود من حديث شدَّاد- مولى عياض بن عامر- عن بلال أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تؤذِّن حتى يستبينَ لك الفجرُ هكذا". ومدَّ يديه عَرْضًا. والجواب: أمَّا الحديث الأوَّل: فقد رواه جماعة ولم يقولوا: في بصره سوءٌ. وأمَّا حديث حمَّاد بن سلمة: فوهمٌ منه، قال التِّرمذيُّ: قال عليِّ بن المدينيِّ: حديث حمَّاد غير محفوظٍ، أخطأ فيه حمَّاد بن سلمة. وقد تابعه على ذلك سعيد بن زَرْبيِّ عن أيُّوب، وكان ضعيفًا، قال يحيى: ليس بشيءٍ. وقال البخاريُّ: عنده عجائب. وقال النَّسائيُّ: ليس بثقةٍ. وقال ابن حِبَّان: يروي الموضوعات عن الأثبات. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: والصَّواب: ما روى شعيب بن حربٍّ عن عبد العزيز ابن أبي روَّاد عن نافع عن مؤذِّنٍ لعمر- كان يقال له: مسروح- أذَّن قبل الصُّبح فأمره عمر أن يرجع فينادي. قال: وقد رواه عامر بن مدرك عن عبد العزيز بن أبي روَّاد، ووهم فيه عامر، والصَّواب ما ذكرنا عن شعيب بن حرب. قال التِّرمذيُّ: لعلَّ حمَّاد بن سلمة أراد حديث مؤذِّن عمر. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وأمَّا حديث أبي يوسف القاضي فتفرَّد به عن سعيد ابن أبي عَرُوبة، وغيره يرسله عن قتادة أنَّ بلالاً- ولا يذكر أنساً-، والمرسل أصحُّ. وأما حديث أنس الثَّاني: فإنَّ محمد بن القاسم مجروحٌ، قال أحمد بن حنبل: أحاديثه موضوعة، ليس بشيءٍ، رمينا حديثه. وقال النَّسائيُّ: متروك الحديث. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: يكذب. وفي إسناده أيضاً: الرَّبيع بن صَبيح، قال عفَّان: أحاديثه كلُّها مقلوبة. وقال يحيى: ضعيف الحديث. وقال في روايةٍ: ليس به بأسٌ. وقال ابن حِبَّان: كان رجلاً صالحاً، ليس الحديث من صناعته، فوقع في حديثه المناكير من حيث لا يشعر. وما روي عن الحسن وغيره: فمقاطيع. وكذلك حديث شدَّاد: فإنَّه لم يلق بلالاً. وقال محمد بن إسحاق بن خُزيمة: كان الأذان نوباً بين بلال وابن أمِّ مكتوم، فكان يتقدَّم بلال مرَّة، ويتأخر ابن أمِّ مكتوم، ويتقدَّم ابن أمِّ مكتوم، ويتأخر بلال، فيجوز أن يكون قال هذا في اليوم الذي كان نوبته التأخير. 561- ز: روى خبيب بن عبد الرَّحمن عن عمَّته أنيسة بنت خبيب قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أذَّن ابن أمِّ مكتوم فكلُوا واشربوا، وإذا أذَّن بلال فلا تأكلُوا ولا تشربوا". فإن كانت المرأة منَّا ليبقى عليها شيءٌ من سحورها، فتقول لبلال: أمهل حتى أفرغ من سحوري. رواه الإمام أحمد وأبو بكر بن خزيمة في " صحيحه " وأبو حاتم ابن حِبَّان في كتاب " الأنواع والتقاسيم". قال ابن خزيمة: هذا خبرٌ قد اختلف فيه- يعني: على خبيب بن عبد الرَّحمن-، رواه شعبة عنه عن عمَّته أنيسة، فقال: ابن أمِّ مكتوم- أو بلال- ينادي بليلٍ. 562- وروى ابن خزيمة أيضاً عن عائشة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنَّ ابن أمِّ مكتوم يؤذِّن بليلٍ، فكلُوا واشربوا حتى يؤذِّن بلال". وكان بلال لا يؤذِّن حتى يرى الفجر. قال: وليس هذا الخبر يضاد خبر سالم عن ابن عمر، وخبر القاسم عن عائشة، إذ جائزٌ أن يكون النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد كان جعل الأذان بالليل نوائب بين بلال وبين [ابن] أمِّ مكتوم، فأمر في بعض الليالي بلالاً أن يؤذِّن أولاً بالليل، فإذا نزل بلال صعد ابن أمِّ مكتوم فأذَّن بعده بالنَّهار، فإذا جاءت نوبة ابن أمِّ مكتوم بدأ ابن أمِّ مكتوم فأذَّن بليلٍ، فإذا نزل صعد بلال فأذَّن بعده بالنََّهار، فكانت مقالة النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن بلالاً يؤذِّن بليل. " في الوقت الذي كانت النوبة لبلالٍ في الأذان بالليل، وكانت مقالته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن ابن أمِّ مكتوم يؤذِّن بليلٍ. " في الوقت الذي كانت النَّوبة في الأذان بالليل نوبة ابن أمِّ مكتوم، فكان النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم النَّاس في كلا الوقتين أنَّ أذان الأوَّل منهما هو أذانٌ بليلٍ لا بنهارٍ، وأنَّه لا يمنع من أراد الصَّوم طعمًا ولا شرابًا، وأنَّ أذان الثَّاني إنَّما يمنع الطُّعم والشرب إذ هو بنهارٍ لا بليلٍ. وقد حكى المؤلِّف بعض ذلك عن ابن خزيمة، وفيه نظرٌ من وجوهٍ كثيرةٍ. 563- وعن زيد بن ثابت أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنَّ ابن أمِّ مكتوم يؤذِّن بليلٍ، فكلُوا واشربوا حتى يؤذِّن بلال". رواه البيهقيُّ من رواية الواقديِّ، وليس بحجَّةٍ O.
وقال الشَّافعيُّ: لا يثوَّب. لنا ثلاثة أحاديث: 564- الحديث الأوَّل: قال أحمد: ثنا حسن بن الرَّبيع ثنا أبو إسرائيل ثنا الحكم عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن بلال قال: أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا أثوِّب في شيءٍ من الصَّلاة إلا في صلاة الفجر. قالوا: أبو إسرائيل اسمه: إسماعيل بن أبي إسحاق، وهو ضعيفٌ، ثمَّ لم يسمعه من الحكم، إنَّما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم. قلنا: مجرَّد التَّضعيف لا يقبل حتى يتبيَّن سببه، وقد ذكرنا عنه أنَّه قال: ثنا الحكم. ز: روى هذا الحديث ابن ماجه والتِّرمذيُّ وقال: لا نعرفه إلا من حديث أبي إسرائيل المُلائِيِّ، واسمه: إسماعيل بن أبي إسحاق، وأبو إسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم، فقال: إنَّما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم، وأبو إسرائيل ليس بذاك القويِّ. وقال يحيى بن معين: أبو إسرائيل صالح الحديث. وقال مرَّةً: ضعيفٌ. وقال البخاريُّ: تركه ابن مهديٍّ، وكان يشتم عثمان. وقال في موضعٍ آخر: يضعِّفه أبو الوليد، قال: سألته عن حديث ابن أبي ليلى عن بلال- وكان يرويه عن الحكم- في الأذان، فقال: سمعته من الحكم أو الحسن بن عمارة. وقال النَّسائيُّ: ضعيفٌ. وقال مرَّةً: ليس بثقةٍ. وقال ابن عَدِيٍّ: عامَّة ما يرويه يخالف الثِّقات، وهو في جملة من يكتب حديثه. وقد رواه الدَّارَقُطْنِيُّ من حديث أبي مسعود عبد الرَّحمن بن الحسن الموصليِّ الزَّجاج عن أبي سعيد عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى. قال أبو حاتم الرَّازيُّ في عبد الرَّحمن بن الحسن: يكتب حديثه ولا يحتجُّ به. و (أبو سعيد): الظَّاهر أنه أبو سعد، وهو سعيد بن المرزبان، وقد ضعَّفه غير واحدٍ. 565- وقال البيهقيُّ: أنا عليُّ بن محمد بن بشران أنا أبو جعفر الرَّزاز ثنا يحيى بن جعفر أنا عليُّ بن عاصم أنا عطاء بن السَّائب عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن بلال قال: أمرني رسول الله أن لا أثوِّب إلا في الفجر. قال البيهقيُّ: هذا مرسلٌ، فإنَّ عبد الرَّحمن بن أبي ليلى لم يلق بلالاً O. 566- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أبو بكر النَّيسابوريُّ ثنا أبو الأزهر ثنا عبد الرَّزَّاق أنا ابن جريجٍ ثنا عثمان بن السَّائب- مولى لهم- عن أبيه السَّائب عن أبي مَحْذُورة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَّمه الأذان، وقال: "إذا أذَّنت من الصُّبح فقل: الصَّلاة خيرٌ من النَّوم". 567- الحديث الثَّالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا الحسين بن إسماعيل ثنا محمد بن عثمان بن كرامة ثنا أبو أسامة ثنا ابن عونٍ عن محمد عن أنسٍ قال: من السُّنَّة إذا قال المؤذِّن في صلاة الفجر: حيَّ على الفلاح. قال: الصَّلاة خيرٌ من النَّوم. ز: رواه أبو بكر بن خزيمة في " صحيحه " عن محمد بن عثمان O.
قال أحمد: التَّثويب: أن يقول في أذان الفجر: الصَّلاة خيرٌ من النَّوم. وقال الحنفيُّون: هو أن يقول بين الأذان والإقامة: "الصَّلاة خيرٌ من النَّوم " مرَّتين، ويعيد قوله: "حيَّ على الفلاح " مرَّتين. لنا: ما تقدَّم من الأحاديث". واحتجُّوا: بأنَّ [بلالاً] أذَّن، ودعا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الصَّلاة، وقالوا: إنَّه نائمٌ. فقال: الصَّلاة خيرٌ من النَّوم. وقد سبق هذا الحديث، وقد ذكرنا عن سعيد بن المسيَّب أنَّ تلك الكلمة دخلت في الأذان. ز: "قال إسحاق فيما ذهب إليه الحنفيَّة: هذا شيءٌ أحدثه النَّاس. وقال التِّرمذيُّ: هذا التَّثويب الذي كرهه أهل العلم O.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يستحبُّ. لنا: حديث الصُّدَائِيّ، وقد سبق. واحتجُّوا: 568- بما روى أحمد: ثنا زيد بن الحبُاب العُكْليُّ أنا أبو سهل محمد ابن عمرو قال: أخبرني عبد الله بن محمد بن زيدٍ عن عمِّه عبد الله بن زيدٍ أنَّه أري الأذان، قال: فجئت إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته، فقال: "ألقه على بلال". فألقيته، فأذَّن. قال: فأراد أن يقيم، فقلت: يا رسول الله، أنا رأيت فأريد أن أقيم. قال: "فأقم أنت". قال: فأقام هو، وأذَّن بلالٌ. والجواب: أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد تطييب قلبه، لأنَّه رأى المنام. ز: أبو سهل محمد بن عمرو هو: الأنصاريُّ، وهو ضعيفٌ، تكلَّم فيه يحيى بن معين وغيره. وقد روى هذا الحديث أبو داود: عن عثمان بن أبي شيبة عن حمَّاد بن خالد عن محمد بن عمرو عن محمد بن عبد الله عن عمِّه عبد الله بن زيدٍ بنحوه. وعن عبيد الله بن عمر القَواريريَّ عن عبد الرحمن بن مهديٍّ عن محمد بن عمرو قال: سمعتُ عبد الله بن محمد قال: كان جدِّي عبد الله بن زيد بهذا الخبر، قال: فأقام جدِّي. وقد روي عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جدِّه O.
وعنه: يكره، كقول الشَّافعيِّ. 569- قال أحمد: ثنا وكيع ثنا سفيان عن عون بن أبي جُحَيْفة عن أبيه قال: أتيتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأبطح- وهو في قبَّةٍ له حمراء-، قال: فخرج بلالٌ بفضل وَضوءه، فبين ناضحٍ ونائلٍ! قال: فأذَّن بلالٌ، فكنت أتتبع فاه هكذا وهكذا. يعني: يميناً شمالاً. أخرجاه في " الصَّحيحين". ز: ورواه أبو داود، وفيه: فلمَّا بلغ: حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح. لَوَى عُنُقَه يميناً وشمالاً، ولم يَستَدر. وفي رواية لأحمد والتِّرمذيِّ: رأيتُ بلالاً يؤذِّن، وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا، وإصبَعاه في أُذنيه. وقال التِّرمذيُّ: [هذا حديثٌ حسنٌ] صحيحٌ. ولابن ماجه: فاستدَارَ في أذانه، وجعل أصبعيه في أذنيه O.
وقال أبو حنيفة والشَّافعيُّ: لا يسنُّ. 570- قال التِّرمذيُّ: ثنا أحمد بن الحسن ثنا مُعَلَّى بن أسد ثنا عبد المنعم- وهو صاحبُ السِّقاء- ثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لبلال: "يا بلال، إذا أذَّنت فترسَّل، وإذا أقمت فاحْدُر، واجعل بين أذانكَ وإقامتكَ قدرَ ما يفرغُ الآكلُ من أكلهِ، والشَّاربُ من شربِه، والمعتصرُ إذا دخل لقضاء حاجتِه". قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ لا نعرفه إلا من حديث عبد المنعم، وهو إسنادٌ مجهولٌ. ز: 571- قال الحاكم: ثنا أبو بكر بن إسحاق أنا عليُّ بن عبد العزيز ثنا عليُّ بن حمَّاد بن أبي طالب ثنا عبد المنعم بن نعيم الرِّياحِيُّ ثنا عمرو بن فائد ثنا يحيى بن مسلمٍ عن الحسن وعطاء عن جابر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لبلال: "إذا أذَّنت فترسَّل في أذانك، وإذا أقمت فاحْدُر، واجعل بين أذانكَ وإقامتكَ قدر ما يفرغ الآكلُ من أكلِه، والشَّاربُ من شربه، والمعتصرُ إذا دخل لقضاء حاجتهِ". قال الحاكم: إسنادٌ بصريٌّ. عمرو بن فائد: اتهمه ابن المدينيِّ، وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: متروكٌ. وعبد المنعم بن نعيم: ضعَّفه الدَّارَقُطْنِيُّ، وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وقال ابن حِبَّان: منكر الحديث جدًّا، لا يجوز الاحتجاج به. 572- وعن أُبَيِّ بن كعبٍ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يا بلال، اجعل بين أذانك وإقامتك نفساً، يفرغ الآكلُ من طعامهِ في مهلٍ، ويقضي المتوضِّىءُ حاجتَه في مهلٍ". رواه عبد الله بن أحمد فيما زاده في " المسند " عن غير أبيه. 573- وروى تمَّام في " فوائده " بإسناده عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: "جلوس المؤذِّن بين الآذان والإقامة في المغرب سُنَّةٌ " O.
وقال الشَّافعيُّ: تسنُّ الإقامة. 574- وقد حكى أصحابنا أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ليس على النِّساء أذانٌ ولا إقامة". وهذا لا نعرفه مرفوعاً، إنِّما رواه سعيد بن منصور عن الحسن وإبراهيم النَّخعيِّ والشَّعبيِّ وسليمان بن يسار. وحكي عن عطاء أنَّه قال: يُقِمن. 575- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أحمد بن العباس البغويُّ ثنا عمر بن شَبَّة ثنا أبو أحمد الزُّبيريُّ ثنا الوليد بن جميع عن أمِّه عن أمِّ وَرَقة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِن لها أن يؤذَّن لها ويقام، وتؤمَّ نساءها. الوليد بن جميع ضعيفٌ، وأمُّه مجهولةٌ، قال ابن حِبَّان: لا يحتجُّ بالوليد ابن جميع. ز: وقد روى هذا الحديث أبو داود مطولاً من رواية الوليد بن جميع عن غير أمِّه، ثمَّ رواه مختصراً، فقال: 576- حدَّثنا الحسن بن حمَّاد الحضرميُّ ثنا محمد بن فضيل عن الوليد ابن جميع عن عبد الرَّحمن بن خلاَّد عن أمِّ وَرَقة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذِّناً يؤذِّن لها، وأمرها أن تَؤُمَّ أهل دارها. قال عبد الرَّحمن: فأنا رأيت مؤذِّنها شيخاً كبيراً. ورواه الإمام أحمد بمعناه، والبيهقيُّ وعنده: وأمر أن يؤذَّن لها ويقام، وتؤمَّ أهل دارها في الفرائض. والوليد بن عبد الله بن جميع: وثَّقه يحيى بن معين، وقال الإمام أحمد: ليس به بأسٌ. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم الرَّازيُّ: صالح الحديث. وروى له مسلمٌ في " صحيحه "، وقال عمرو ابن عليٍّ: كان يحيى بن سعيدٍ لا يحدِّثنا عن الوليد بن جميع، فلمَّا كان قبل موته بقليلٍ ثنا عنه.
وقال أبو حنيفة: يؤذِّن ويقيم لكلِّ صلاةٍ. وقال مالكٌ: لا يؤذِّن. وعن الشَّافعيِّ: كقولنا، وكقول مالك. لنا: 577- ما روى أحمد: ثنا هشيم ثنا أبو الزُّبير عن نافع بن جُبير بن مُطْعِم عن أبي عُبيدة بن عبد الله قال: قال عبد الله: إنَّ المشركين شغلوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أربع صلواتٍ يوم الخندق، حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالاً فأذَّن، ثُمَّ أقام فصلَّى الظُّهر، ثُمَّ أقام فصلَّى العصر، ثُمَّ أقام فصلَّى المغرب، ثُمَّ أقام فصلَّى العشاء. قال التِّرمذيُّ: ليس بهذا الإسناد بأسٌ، إلا أنَّ أبا عُبيدة لم يسمع من عبد الله. ز: وروى هذا الحديث النَّسائيُّ والتِّرمذيُّ من حديث هُشيم O.
وقال أبو حنيفة: يجمع بأذانٍ وإقامتين بعرفة، وأذانٍ وإقامة بمزدلفة. 578- قال التِّرمذيُّ: ثنا بُندَار ثنا يحيى بن سعيد القطَّان ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك أنَّ ابن عمر صلَّى بجَمْعٍ، فجمع بين الصَّلاتين بإقامةٍ، وقال: رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل مثل هذا، في هذا المكان. وقد روى نحو هذا عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليُّ بن أبي طالبٍ وابن مسعودٍ وجابرٍ وأسامة. ز: وروى حديث عبد الله بن مالك: أبو داود، وقال فيه التِّرمذيُّ: حديثٌ صحيحٌ حسنٌ. وهو حُجّةٌ لأبي حنيفة. 579- وعن أسامة بن زيدٍ قال: دفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عرفة حتى إذا كان بالشِّعْبِ نزل فبال، ثُمّ َتوضَّأ ولم يُسبغ الوضوء، فقلت: الصَّلاة، يا رسول الله. فقال: "الصَّلاة أمامَك". فركب، فلمَّا جاء المزدلفة نزل فتوضَّأ، فأسبغ الوضوء، ثُمَّ أُقيمت الصَّلاة، فصلَّى المغرب، ثُمَّ أناخَ كلُّ إنسانِ بعيره في منزله، ثمَّ أقيمت العشاء فصلَّى، ولم يصلِّ بينهما. رواه البخاريُّ ومسلمٌ. 580- وعن جابر بن عبد الله عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه أتى المزدلفة فصلَّى بها المغرب والعشاء بأذانٍ واحدٍ وإقامتين. رواه مسلمٌ. 581- وعن عبد الله بن عمر قال: جمع النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين المغرب والعشاء بجمعٍ، كلُّ واحدةٍ منهما بإقامة، ولم يسبِّح بينهما ولا على إثر كلِّ واحدةٍ منهما. رواه البخاريُّ. وهذه الأحاديث مخالفةٌ لحديث عبد الله بن مالك. 581- وعن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: جمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين المغرب والعشاء بجمع، صلَّى المغرب ثلاثاً، والعشاء ركعتين، بإقامةٍ واحدةٍ. رواه مسلمٌ. وفي روايةٍ لأبي داود: بإقامةٍ واحدةٍ لكلِّ صلاةٍ، ولم يناد في الأولى، ولم يسبِّح على إثر واحدة منهما. وفي روايةٍ: لم يناد في واحدةٍ منهما O.
وقال مالكٌ والشَّافعيّ: يجوز. 582- قال التِّرمذيُّ: ثنا هنَّاد ثنا [أبو] زُبيد عن الأشعث عن [الحسن] عن عثمان بن أبي العاص قال: إنَّ من آخر ما عهد إليَّ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أتخذ مؤذِّناً لا يأخذ على أذانه أجراً. ز: الأشعث هو: ابن سَوَّار، وقد تكلَّم فيه غير واحد. وقد رواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل عن حمَّاد عن سعيد الجُريْرِيِّ عن أبي العلاء عن مطرِّف بن عبد الله عن عثمان بن أبي العاص. ورواه الإمام أحمد وابن ماجه والنَّسائيُّ. وقال التِّرمذيُّ: حديثٌ حسنٌ. ورواه الحاكم أيضاً من حديث حمَّاد عن الجريْرِيِّ، وقال: هو على شرط مسلمٍ.
|